مناسك عمره التمتع
وتجب في عمرة التمتع أمور خمسة هي:
الإحرام من أحد المواقيت المعروفة ثم الطواف ثم صلاة الطواف ثم السعي ثم التقـــصير. فاذا أحرم المكلف ثم أدى الأمور المتقدمة خرج من إحرامه وحلّت له الأمور التي حرمت عليه بسبب الإحرام. وبذلك ينتهي المكلف من العبادة الأولى في حج التمتع وهي (العمرة) أو (عمرة التمتع). فاذا قرب اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام تهيأ لأداء وظائف العبادة الثانية وهي (الحج) أو(حج التمتع).. وبذلك ينتهي الحاج من حجته ليعود كما ولدته أمه نقياً طاهراً. وهــا أنذا أتعرض لكيفية أداء العمرة بأمورها الخمسة المتقدمة وأولها الإحرام.

بعد الوصول الى المدينة المنورة وقضاء بعض الايام فيها لاداء اعمال الزيارة للاماكن المقدسة واولها المسجد النبوي (صلى الله عليه واله) المطهر ومقبرة البقيع وغيرها من الاماكن المقدسة، يستعد المعتمر للذهاب الى احد المواقيت (مسجد الشجرة) ليبدا الاحرام منه لدخول مكة المكرمة. وهذه احدى الكرامات التي حبا الله بها هذه البقعة المباركة حيث لا يجوز لغير اهلها والعاملين فيها من الدخول اليها الا بالاحرام (يمكن مراجعة تفاصيل دخول مكة والاستثناءات الاخرى في كتاب مناسك الحج).

لذا يغتسل المعتمر غسل الاحرام (وهو مستحب) في المدينة ويرتدي ثوبي الاحرام تفاديا للازدحام المرتقب في الميقات (مسجد الشجرة) ويركب السيارة متجها الى الميقات. وبعد الوصول يدخل لاداء صلاة تحية المسجد وربما يجدد الغسل ان امكنه ذلك ومن ثم يستعد لعقد الاحرام،فواجبات الإحرام ثلاثة هي: النية، ولبس ثوبي الإحرام (للرجل)، والتلبية.

1 – النية: ويكفي فيها القصد في النفس مع القربة والإخلاص بلا حاجة الي التلفظ. واذا أراد المكلف التلفظ بالنية فيمكنه أن يقول: أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع قربة الى الله تعالى .
2 – لبس ثوبي الإحرام: وهما إزار ورداء وفق الطريقة المألوفة في لبسهما. والأحوط وجوبا أن يلبسهما الرجل قبل النية والتلبية. أما النساء فيمكنهن الاحرام بثيابهن العادية.
3 – التلبية مقارنة للنية: ويجزي فيها أن يقول: لَبيّكَ اللّهمّ لَبيّكَ، لَبيّكَ لا شَريكَ لَكَ لَبيّكَ، إنَّ الحَمد والنِعمةَ لَكَ والمُلكَ، لا شَريكَ لَكَ، لَبيّكْ .
وعلى المكلف أن يؤديها على الوجه العربي الصحيح دون الملحون مع القدرة على الصحيح ولو بالتعلم.
والأفــضل أن يضيف للتلبية مايأتي: لَبيّكَ ذَا المعارجِ لَبيّكَ، لَبيّك داعياً إلى دارِ السَّلام لَبيّكَ، لَبيّكَ غَفّارَ الذُنوبِ لَبيّكَ، لَبيّكَ أهلَ التَلبيةِ لَبيّكَ، لَبيكَ ذَا الجلالِ والإكرامِ لَبيّك، لَبيّك تَبدأ والمَعادُ إليكَ لَبيّكَ، لَبيّك تستغني ويُفتقرُ إليكَ لَبيّك، لَبيّك مَرغوباً ومَرهوباً إليك لَبيّك، لَبيّك إلهَ الحقِّ لَبيّك، لَبيّك ذَا النعماء والفَضل الحَسن الجَميل لبيّك، لبيّك كَشّاف الكربِ العِظامِ لَبيّكَ، لَبيّك عَبدُكَ وابنُ عَبدَيكَ لَبيّك، لَبيّك يا كريم لَبيك . ويستحب ان يضيف اليها هذه التلبيات: لبيّك أتقرّبُ إليكَ بِمحمّد وآلِ مُحمّد لَبيّك، لَبيّك بِحجة أو عُمْرة لَبيّك، لَبيّك وهذه عُمْرةُ مُتعة الى الحجّ لَبيّك، لَبيّك أهلَ التلبيةِ لَبيّك، لَبيّك تَلْبية تَمامُها وَبلاغها عَليك . ويستحب الاكثار من التلبية ما استطاع كما يستحب تكرارها عقب كل فريضة وعند الركوب والنزول والصعود والهبوط وعند السحر وأن يجهر الرجال بها دون النساء حتى إذا شاهد المحرم موضع بيوت مكة القديمة قطع التلبية على الأحوط.

شروط الطواف

يشترط فـي الطواف أمور:

1 ـ النية: بأن يقصد الطائف القربة مع الإخلاص فيقول مثلا: أطوف حول البيت سبعة أشواط لعمرة التمتع لحج الإسلام قربة الى الله تعالى . ولا يشترط فيها التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي.
2 ـ الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر: والحدث الأكبر مثل الحيض والجنابة وأمثالهما مما يحتاج معه الى الغسل. والحدث الأصغر مثل البول والغائط وأمثالهما مما يحتاج معه الى وضوء.
ويحسن بي أن أشير هنا الى أهمية أن يتأكد المكلف من صحة غسله ووضوئه وصلاته وأحكامها منذ بداية تكليفه. بيد أن هذا الأمر يتأكد أكثر قبل قيامه بأداء مناسك الحج. ويتم له التأكد ذاك بعرض كيفية أدائه لغسله ووضوئه وصلاته على من يثق بخبرته فيها ليضمن صحتها ودقة أدائه لها. وهناك في كل حملة من حملات الحج من يقوم بهذه المهمة. إضافة الى العلماء والمبلغين والساعين والمتطوعين لخدمة ضيوف الرحمن الذين ينتظرون من ضيوف الرحمن أية خدمة ليتشرفوا بتأديتها لهم على أكمل وجه.
3 ـ طهارة الثوب والبدن من النجاسات.
4، 5 – الختان للرجال.. وستر العورة حال الطواف.


واجبات الطواف

واجبات الطواف ثمانية هي:

1، 2 ـ الابتداء من الحجر الأسود والانتهاء به في كل شوط. ومن أجل أن يضمن الطائف كمال طوافه عليه أن يقف في الشوط الأول قبل الحجر بقليل وينوي أن يبدأ طوافه من أول ما يصادف كون الحجر على يساره تماماً. ثم يستمر في الدوران حول البيت سبعة أشواط حتى اذا وصل الى الحجر في نهاية الشوط السابع تجاوزه قليلا.وبذلك يضمن أنه قد حقق الابتداء والانتهاء بالحجر على كل حال.
3 ـ جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف. ولا حاجة للتدقيق في ذلك فإن النبي (ص) كان يطوف حول البيت راكبا.
4 ـ أن يطوف الطائف خارج حجر إسماعيل (ع) دون أن يدخل فيه.
5 ـ أن يطوف الطائف خارج الكعبة وخارج الصُفّة التي في اطرافها والمسماة بـ (شاذروان الكعبة).
6 ـ أن يطوف حول الكعبة سبعة أشواط كما تقدم.
7 ـ أن يكون الطواف متوالياً دون فصل كثير جداً بين أجزائه.ويستثنى من ذلك موارد ذكرتها الرسالة العملية لا مجال لذكرها هنا.
8 ـ أن تكون حركة الطائف حول الكعبة بإرادته واختياره حتى في الزحام الشديد. بمعنى أن لا يسلب الإرادة والاختيار بالمرّة أثناء طوافه. ويكفي في تحقق الاختيار المعتبر في حركة الطائف أن يكون قادرا على الخروج من المطاف وإن لم يكن متمكناً من التوقف.


فإذا انتهى المحرم من طوافه قصد مقام إبراهيم (ع) ليؤدي صلاة الطواف من دون أن يفصل بين الطواف وصلاة الطواف بما يمنع من صدق التوالي بينهمــا عــرفاً على الأحوط وجوباً. (عشرة دقائق لا تضرُّ بالموالاة للاستراحة مثلا أو للبحث عن مكان لصلاة الطواف دون الاشتغال بعمل آخر كالصلاة قضاءً عن النفس أو نيابةً عن الغير، وأمثال ذلك)

كيفية صلاة الطواف

صلاة الطواف ركعتان كصلاة الفجر ينوي فيها المصلي القربة الخالصة كأن يقول: أصلي صلاة الطواف لعمرة التمتع لحج التمتع قربة الى الله تعالى . ولا يجب في النية التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي. ويتخير المصلي في صلاة الطواف بين الجهر والإخفات. والواجب أداء صلاة الطواف قريباً من مقام إبراهيم (ع) وفي الخلف منه. ومع عدم التمكن من ذلك فهناك حالتان:
أ – أن يتمكن الطائف من الصلاة قريباً من المقام في أحد جانبيه. وفي هذه الحالة الأحوط وجوباً أداء الصلاة مرتين: مرة عند أحد جانبي المقام قريباً منه. ومرة أخري خلف المقام بعيداً عنه.
ب ـ أن لا يتمكن الطائف من الصلاة قريباً من المقام في أحد جانبيه.. وفي هذه الحالة يُكتفى منه بأداء الصلاة في أي موضع خلف المقام والأحوط الأولى أن يراعي الأقرب فالاقرب للمقام.
والمقصود بـ (عدم التمكن من أداء الصلاة قريباً من المقام) هو أن يجد الطائف زحاماً شديداً من الطائفين والمصلِّين في المنطقة القريبة من المقام بحيث لو أراد أن يؤدي الصلاة فيها باستقرار واطمئنان لوقع في حرج ومشقة بالغة.
هذا في صلاة الطواف الواجب.وأما صلاة الطواف المستحب فيجوز الإتيان بها في أي موضع من المسجد اختيارأ.

السعي

وهو الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتع. فاذا انتهى المحرم من صلاة الطواف يستحب له أن يشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج الى الصفا.ويستحب له كذلك أن يخرج الى الصفا من الباب الذي يقابل الحجر الأسود بسكينة ووقار. فاذا صعد على الصفا نظر الى الكعبة وتوجّه الى الركن الذي فيه الحجر الأسود فحمد الله واثني عليه وتذكّر آلاء الله ونعمه ثم يهبط من الصفا للقيام بالسعي. ويستحب للساعي أن يسعى ماشياً بوقار حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول الى محل المنارة الثانية، ولا هرولة على النساء.

من أحكام السعي

1 ـ يجب في السعي قصد القربة الخالصة كأن يقول المحرم: أسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط لعمرة التمتع لحج التمتع قربة الى الله تعالى . ولا يجب في النية التلفظ بل يكفي فيها القصد القلبي.
2 ـ لا يشترط في السعي الطهارة من الحدث بأن يكون الساعي متوضئا. ولا الطهارة من الخبث بأن لا يكون على بدنه أو ثوبه شيء من الدم أو نحوه.وإن كان الأفضل رعاية الطهارة فيه.
3 ـ السعي كالطواف سبعة أشواط يبتديء الشوط الأول منه من الصفا وينتهي بالمروة ويبدأ الشوط الثاني من المروة وينتهي بالصفا. وهكذا الى أن يتم السعي في الشوط السابع بالمروة.
4 ـ يعتبر في السعي استيعاب تمام المسافة الواقعة بين جبل الصفا وجبل المروة. ولا يجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط.
5 ـ يجب استقبال المروة عند الذهاب اليها من الصفا كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع اليه من المروة. ولا يضرّ الالتفات بصفحة الوجه الى اليمين أو اليسار أو الخلف أثناء الذهاب أو الإياب.
6 ـ الأحوط وجوباً أن لا يفصل الساعي بين أشواط السعي فصلاً طويلا كعشرة دقائق مثلاً. ذلك أنه يخل ّبالتوالي بين الأشواط عرفًا. ولايضرّ جلوس المتعب على الصفا والمروة أثناء السعي للاستراحة. كما لا بأس بقطع السعي وقت الفريضة للصلاة ثم العودة اليه من موضع القطع بعد الفراغ من الصلاة.
7 ـ يجوز تأخير السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته لعدة ساعات بل الى الليل للاستراحة من التعب أو لتخفيف شدة الحر. وإن كان الأولى المبادرة الى السعي بعد الطواف وصلاته. ولا يجوز تأخير السعي الي الغد في حال الاختيار.
8 ـ اذا شك الساعي في أثناء السعي في عدد أشواط سعيه جاز له الاستمرار في السعي مع وجود الشك. فإذا ارتفع الشك وتأكد من أنه لم يزد ولم ينقص في سعيه صح سعيه ولا داعي للإعادة. واذا استمر شكه حكم ببطلان سعيه.
9 ـ لا عبرة بالشك في عدد أشواط السعي أو في صحة هذه الأشواط بعد التجاوز كمن شك في ذلك بعد التقصير في العمرة أو حال طواف النساء في السعي للحج مثلا.وهكذا.
10 ـ لا يجوز السعي في الطابق العلوي من المسعي لأنه سعي فوق الجبلين لا بينهما.


التقصير

وهو الواجب الخامس والأخير من واجبات عمرة التمتع. فإذا انتهى الساعي من سعيه جاء دور التقصير.

1 ـ قصد القربة لله تعالى مع الخلوص كأن يقول المحرم: أقصِّر لعمرة التمتع قربة الى الله تعالى . ولا يجب التلفظ بل يكفي القصد القلبي.
2 ـ قصُّ شيء من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب..
3 ـ لا تجب المبادرة الى التقصير بعد السعي مباشرة. ولا يجب التقصير في المسعي. بل يجوز التقصير في أي محل شاء سواء أكان ذلك في المسعي أم في المنزل أم في غيرهما.
4 ـ إذا قصّر المحرم حلّ له جميع ما كان حرم عليه منذ أن أحرم لعمرة التمتع.
5 ـ لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع. بـل يجب في الحج والعمرة المفردة.


مع ملاحظة انه يمكن للمعتمر التقصير لنفسه ان اراد. ولكن لابد ان يكون قد قصّر اولا ثم يقصر للاخرين اذا طلبوا منه ذلك. وهكذا تنتهي عمرة التمتع ويبقى المكلف بانتظار يوم الحج